
بقلم / الحكواتي.. Mr
مدرسه فنيه خاصه .. موهبه فطريه خالصه …. خلق ليكون ممثلاً .. رمز من رموز الفن الذين يشار إليهم بالبنان … صاحب أقوي عينين في السينما .. عملاق أدوار الشر علي الشاشه المصريه..
( محمود المليجي ) ممثل مصري شهير عملاق، له رصيد ضخم من الأعمال الفنية وصل إلي ٧٥٠ عملا فنيا منهم ٣٢٠ فيلم سينمائي … تم اختيار ٢١ فيلم ضمن أفضل مائه فيلم في تاريخ السينما طبقا لاستفتاء النقاد خلال القرن العشرين الماضي بشكل عام .
تكمن عبقريه ( محمود المليجي ) في قدرته علي التلون و تقمص الشخصيه و الإندماج بدرجه لم تبهر الجمهور فقط بل تعدت لتشمل زملائه الفنانين ممن عملوا معه طوال مشواره الفني بوجه عام.
نحاول هنا أن نرصد بعض اللمحات لشخصيه ( محمود المليجي ) من خلال الذين عاصروه و تعاملوا معه عن قرب طبقاً لما صرحوا به في أحاديثهم الصحفيه و لقاءاتهم الاعلاميه ..
نبدأ بملك الترسو ( فريد شوقي ) الذي كون مع ( محمود المليجي ) ثنائي فني استمر لعقود وقدما معا افلام تبقي دائماً في الذاكره وأصبحت من كلاسيكيات الاكشن في السينما مثل ( رصيف نمره خمسه – حميدو – سواق نص الليل – الزوج العازب) و غيرها .

فريد شوقي..
يقول فريد شوقي … ( المليجي ) لا يعوض … هو محمود المليجي واحد بس مش حاييجي زيه … هذا العملاق الذين تشاهدونه علي الشاشه كان خجولا عف اللسان لم اشاهده يوماً أساء لأحد أو سب أحد.. كان اعظم صديق …. أنتجت ٣٥ فيلم شاركني البطوله في ٢٦ فيلم منهم … كان الموزع السينمائي لا يهمه إسم البطله في العمل … كل ما يهمه وجود فريد شوقي و محمود المليجي معا …
وعن دور ( محمود المليجي ) في مسيرته الفنيه يقول ( فريد شوقي ) ..( لما ابتديت اشتغل … كان اسم محمود المليجي زي النار علي العلم… كان بيشتغل أربع أو خمس أفلام في الشهر ..ولما يضيق عليه الخناق و يتكالب عليه المخرجين و المنتجين يقول لهم.
( في واحد جديد طالع اسمه فريد شوقي … إبن حلال و شاطر و رخيص و كمان خريج المعهد ) فكنت باخد الأعمال الفايضه من المليجي .

رشدي اباظه..
أما الدونجوان ( رشدي اباظه ) ففي حديث اذاعي مع الراحله ( آمال العمده ) تحدث عن ( محمود المليجي ) وقال : هل في مصر ممثل أعظم من ( محمود المليجي ) ؟ مفيش
فردت عليه المذيعه وقالت ( إحنا بنقول عليه ( انتوني كوين الشرق ) فقال لها : إيه رأيك بقي أن ( محمود المليجي ) أحسن من ( انتوني كوين ) … المليجي عمره ما كان أداؤه في عنف لكن ( انتوني كوين ) بيعتمد علي العنف حتي في الكلمه…. انتي عارفه إن ( محمود المليجي ) بيخليني ( اعيط ).
مع أني ببقي عارف أن ده تمثيل… ما تنسيش أن أنا كمان ممثل بس من كتر صدق الأداء برضه باعيط و دموعي تنزل لوحدها …انا بتمني اني أوصل في يوم من الايام لمستوي ( محمود المليجي ) .. قاطعته ( آمال العمده ) وقالت ( ده تواضع منك يا أستاذ رشدي وانت نجم كبير ) استكمل ( رشدي اباظه ) كلامه وقال : انا عارف قيمه ( محمود المليجي ) كويس قوي … مفيش حد زي ( محمود المليجي ) … ده استاذ كبير قوي .. والله ببقي فخور لما يجمعنا عمل فني واحد مع بعض …كل يوم بيسلم عليا و يحط أيده في أيدي بحس إني كسبت مليون جنيه .
بعد وفاه ( رشدي اباظه ) أعادت ( آمال العمده ) علي مسامع ( المليجي ) ماقاله عنه رشدي اباظه فرد بقوله ( يا حبيبي يا رشدي يا اجدع الناس … انت بعيد عني دلوقتي بس ياريت تكون سامعني …. أنت واحشني قوي يا رشدي ) بعدها دخل في نوبه بكاء بصوت عال ولم يستطع السيطره علي نفسه ولم تتمكن ( آمال العمده ) من استكمال الحديث الاذاعي و اعتذرت للمستمعين عموما َ.

توفيق الدقن..
أما ( توفيق الدقن ) فيقول إن أول درس تلقاه في عالم التمثيل كان من الأستاذ محمود المليجي و يروي عنه ( كنت طالب في المعهد وكان في فيلم مطلوب وجه جديد يعمل مشهد واحد .. طلبني ( الاستاذ جمال مدكور ) عشان اعمل المشهد ده … فوجئت أن المشهد ده حايكون أمام ( محمود المليجي ) وكان نجما مشهوراً بنروح السينما عشان نشوفوا و نتعلم … المهم روحت ( الاستوديو ) في البدايه لم يعرني ( محمود المليجي ) أي اهتمام ولا كأنه شايفني !!!
وبدأنا البروفه ويعد كده المخرج قال : يا لا يا جماعه حانصور … في نص الحوار بصيت بس في عينين ( محمود المليجي ) اتلخبطت و نسيت الكلام كما لو أن حد نيمني مغناطسيا … لقيت الاستاذ ( محمود المليجي ) قال للمخرج ( استوب يا جماعه عشر دقايق نشرب فنجان قهوه و نكمل ) اصطحبني ( محمود المليجي ) للبوفيه وقالي : تشرب قهوه ؟ قلت له لا راح مطلع سيجاره وقالي بتدخن ؟ قلت لا …… مع أني كنت بدخن بس خجلت اشرب سيجاره معاه …فقالي ( انت مرتبك ليه ؟ انت كويس مش وحش… أفهم الكلام المكتوب و حس بيه… ما تخفش من حد … فاهم …حاتبقي ممثل كويس وافتكر كلامي .

يوسف بك وهبي..
تعددت الأعمال الفنيه المشتركه بينهما بعد ذلك ويقول ( توفيق الدقن ) كنت كل لما أشوفه … أذكره بنبوءته بأنني سأكون ممثل كويس ..وكان المليجي يضحك ويقول له ( يا توفيق انت اللي مجتهد و شاطر ) .
أما عميد المسرح ( يوسف بك وهبي ) فيقول ( المليجي هو الفنان الوحيد اللي أقدر أقول عليه أنه أفضل من يوسف وهبي ) .
عندما شارك ( محمود المليجي ) في فيلم ( وا اسلاماه ) وقف المخرج ( اندرو مارتن ) مذهولا من أداء ( المليجي ) وقال لمساعديه ( قولوا لهذا الممثل .. أنني لا افهم العربيه ولكنه بوجهه و عينيه قال كل شيئ ) .
خلع ( محمود المليجي ) قناع الشر علي يد ( يوسف شاهين ) و خرج عن النمط المعروف عنه وقدما أعمال خالده باقيه مهما مرت السنين مثل ( عوده الإبن الضال – الأرض – العصفور – اسكندريه ليه ) و غيرها…

يوسف شاهين..
يذكر ( يوسف شاهين ) بأنه وإن كان مخرج سينما فهو اساسا من جمهور ( محمود المليجي ) ويقول ( هو أبرع من يؤدي بتلقائية … بيحضر نفسه للمشهد بطريقة غير اعتيادية .. كان بيفوق توقعي .. كل مشاهده من أول ( شوت ) مفيش اعاده .
اعيد ليه وانا اخدت منه كل حاجه …. في مشهد في فيلم ( الأرض ) المفروض أنه خرج من المعتقل بعد أن اهين و عذب وتم ازاله شاربه امعانا في اذلاله … المشهد ده اتعمل مره واحده …. كم الانفعالات والنظرات و الدموع اللي طلعها ( محمود المليجي ) مش طبيعيه ….
أذكر أيضا طالما نتكلم عن فيلم ( الأرض ) ماقاله ( عزت العلايلي ) …. الاستاذ محمود المليجي كان من اطيب الناس … يتمتع بخفه ظل كبيره علي عكس ما يظهر علي الشاشه … كان بمثابه ( الأب ) لنا …. ويقول ضاحكاً : كنت أنا و صلاح السعدني و حمدي احمد بنبص لبعض مش مصدقين إن إحنا بنمثل مع ( محمود المليجي ) .

عمر الشريف..
أما النجم ( عمر الشريف ) الذي كان يرتبط بعلاقة صداقه و احترام جميله مع ( محمود المليجي ) فيقول عنه ( محمود المليجي يمتلك موهبه تؤهله لمنافسه نجوم هوليوود …. في أعمال كتيره عملتها بالخارج كنت دائماً اقول .. اه لو كان الدور ده عمله ( المليجي ) كان عرفهم قد إيه هو متفوق عنهم ) .
وللمصادفه أن يكون ( عمر الشريف ) آخر من تحدث إلي ( المليجي ) في الدنيا ..ففي استراحه فيلم ( أيوب ) قال ( محمود المليجي ) له …. تعرف يا عمر .. الحياه دي غريبه جدا … الواحد ينام ويصحي …. و يصحي و ينام و يشخر ..ثم مال برأسه علي الكرسي المجاور لعمر الشريف و بدأ بالشخير الذي مالبث أن انقطع …ظن عمر الشريف انه يداعبه فقال له ( ايه يا محمود ..يا لا … قوم نكمل ) لم يجبه ولم يعرف انها حشرجه الموت . حاولوا افاقته دون جدوى.. مات ( محمود المليجي ).

سيظل ( محمود المليجي ) علامه بارزه في ذاكرتنا السينمائية .. و سيبقي بعيداً بعيداً عن أي مقارنه مع فنان آخر مهما كان حجمه و نجوميته رحمه الله عليه …











